الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد
.تفسير الآية رقم (119): {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ (119)}(119)- يَقُولُ اللهَ تَعَالَى لِنَبيِّه صلى الله عليه وسلم: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالشَّيءِ الثَّابِتِ الحَقِّ لِتُبَشِّرَ بِهِ مَنْ أَطَاعَ، وَتُنْذِرَ بِهِ مَنْ عَصَى وَاسْتَكْبَرَ، لا لِتُجْبِرَ النَّاسَ عَلَى الإِيمَانِ، فَلا عَلَيكَ إَذَا أَصَرُّوا عَلَى الكُفْرِ وَالعِنَادِ، فَلا يَضُرَّنَّكَ تَكْذِيبُ المُكَذِّبِينَ، فَأَنْتَ لَمْ تُبْعَثْ مُلْزِماً وُمُجْبِراً، فَتَكُونَ مُقَصِّراً إِذَا لَمْ يُؤْمِنُوا لَكَ.الحَقُّ- الشَّيءُ الثَّابِتُ الذِي لا شَكَّ فِيهِ..تفسير الآية رقم (120): {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (120)}{النصارى} {وَلَئِنِ}(120)- كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْجُو أَنْ يُبَادِرَ أَهْلُ الكِتَابِ إِلَى الإِيْمَانِ بِهِ قَبْلَ غَيْرِهِمْ، لِذلِكَ كَبُرَ عَلَيهِ إِعْرَاضُهُمْ عَنْ إِجَابَةِ دَعْوَّتِهِ، وَإِلحَافُهُمْ فِي مُجَاحَدَتِهِ، فَأَرَادَ اللهُ تَعَالَى فِي هذِهِ الآيَةِ أَنْ يُيْئِسَهُ مِنَ الطَّمَعِ فِي إِسْلامِهِمْ، إِذْ عَلَّقَ رِضَاهُمْ عَنْهُ بِمَا هُوَ مُسْتَحِيلٌ أَنُ يَكُونَ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصارَى لَنْ يَرْضَوْا عَنْكَ أَبداً مَا لَمْ تَتْبَعُ مِلَّتَهُمْ وَشَرِيعَتَهُمْ، لِذلِكَ عَلَيكَ تَرْكُ طَلَبِ مَرْضَاتِهِمْ، وَالاتِّجَاهُ إِلى طَلَبِ مَرْضَاةِ اللهِ في دَعْوَتِكَ إِيَّاهُمْ إِلى مَا بَعَثَكَ اللهُ بِهِ مِنَ الحَقِّ. وَقُلْ لَهُمْ: إِنَّ الدِّينَ الذِي جِئْتُ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالذِي أَنْزَلَهُ اللهُ عَلَى أَنْبِيَائِهِ (هُدَى اللهُ) هُوَ الدِّينُ الصَّحِيح. وَيَتَوَعَّدَ اللهُ المُؤْمِنينَ الذِينَ يَتَّبِعُونَ طَرائِقَ اليَهُودِ والنَّصَارَى وَيَقْبلُونَ مَا أَضَافُوهُ إِلى دِينِهِمْ مِنْ عِنْدِ أنفُسِهِمْ، بِحَسَبِ أَهْوَائهِمْ وَغَايَاتِهِمْ، وَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّهُمْ لَنْ يَكُونَ لَهُمْ نَاصِرٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ، لأَنَّهُمْ أَصْبَحُوا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنَ الحَقِّ بَعْدَ مَا عَلِمُوهُ مِنَ القُرآنِ وَالسُّنَّةِ، (وَالخِطَابُ هُنَا لِلرَّسُولِ وَالتحذيرُ لأُمَّتِهِ، لأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومٌ)..تفسير الآية رقم (121): {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (121)}{آتَيْنَاهُمُ} {الكتاب} {أولئك} {فأولئك} {الخاسرون}(121)- وَمِنْ أَهْلِ الكِتاب طَائِفَةٌ يَقْرَؤُونَ التَّورَاةَ بِخُشُوعٍ وَإِمْعَانٍ، وَيَتدبَّرُونَ مَعْنَاهَا، وَيَفْقَهُونَ أَسْرَارهَا وَحِكََمَها، وَأُولئِكَ هُمُ الذِينَ يَعْقِلُونَ أَنَّ مَا جِئْتَ بِهِ يَا مُحَمَّدُ هُوَ الحَقُّ، فَيُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَهْتَدُونَ بِهَدْيِهِ إِلى سَوَاءِ السَّبِيلِ، (كَعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلامٍ). وَمَنْ يَكْفُرْ بِمَا أُنْزِلَ إِليكَ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ الحَقُّ، مِنَ الرُّؤَسَاءِ المَعَانِدِينَ، وَالجُهَّالِ المُقَلِّدِينَ، فَأُولئِكَ هُمُ الذِينَ خَسِرُوا سَعَادَةَ الدُّنْيَا، وَالمَجْدَ وَالسِّيَادَةَ التِي يُعْطِيهَا اللهُ مَنْ يَنْصُرُ دِينَهُ..تفسير الآية رقم (122): {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122)}{يَابَنِي إِسْرَائِيلَ} {العالمين}(122)- يُذَكِّرُ اللهُ تَعَالَى اليَهُودَ بِأَفْضَالِهِ وَأَنْعُمِهِ عَلَى أَسْلافِهِمْ، وَتَفْضِيلِهِ إِيَّاهُمْ عََلَى أَهْلِ زَمَانِهِمْ، الذِينَ لَمْ يَكُونُوا يَدِينُونَ بِدِينٍ سَمَاوِيٍّ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى شُكْرِ اللهِ عَلَى إِنْزَالِهِ التَّورَاةَ إِليهِمْ. وَشُكْرُ اللهِ يَكُونَ بِالإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ فِيها، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا جَاءَ فِيهَا وَصْفُ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَالبِشَارَةُ بِهِ، وَالمِيثَاقُ الذِي أَخَذَهُ اللهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى الإِيمَانِ بِهِ وَمُنَاصَرَتِهِ.فَاللهُ تَعَالَى يُذَكِّرُهُمْ بِذلِكَ لِيُؤْمِنُوا بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَرِسَالَتِهِ، وَلِكَيْلا يَحْمِلَهُمْ الحَسَدُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ وَتَكْذِيبِهِ وَالكَيْدِ لَهُ..تفسير الآية رقم (123): {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123)}{شَفَاعَةٌ}(123)- وَيَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى اليَهُودَ بِالخَوْفِ مِنَ عِقَابِ اللهِ فِي يَوْمٍ لا تَدْفَعُ فِيهِ نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ، وَلا يُقْبَلُ مِنْها فِدَاءٌ، وَلا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ، وَلا يَجِدُ فِيهِ الكَافِرُ نَصِيراً لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ..تفسير الآية رقم (124): {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124)}{إِبْرَاهِيمَ} {بِكَلِمَاتٍ} {الظالمين}(124)- وَاذكُرْ يَا مُحَمَّدُ لأَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ اختِبَارَ اللهِ لإِبراهِيمَ بِمَا كَلَّفَهُ بِهِ مِنَ الأَوَامِرِ وَالنَّواهِي، فَقَامَ بِها عَلَى الوَجْهِ الأَكْمَلِ، فَجَعَلَهُ اللهُ للنَّاسِ قُدْوَةً وَإِمَاماً. فَدَعَا إِبْرَاهِيمَ النَّاسَ إِلَى تَوحِيدِ اللهِ، وَالبَراءَةِ مِنَ الشِّرْكِ. وَسَأَلَ إِبراهِيمُ رَبَّهُ أَنْ تَكُونَ الإِمَامَةُ في ذُرِّيَّتِهِ، فَأَجَابَهُ اللهُ، جَلَّ شَأْنُهُ، إِلى مَا سَأَلَ، وَلكِنَّهُ قَالَ لَهُ: إِنَّ عَهْدَهُ سبْحَانَهُ لا يَنَالُ الظَّالِمِينَ، وَلِذلِكَ فَلا يُمْكِنُ أَنْ يََكُونَ الظَّالِمُونَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ.الابْتِلاءُ- الاخْتِبَارُ..تفسير الآية رقم (125): {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125)}{إِبْرَاهِيمَ} {وَإِسْمَاعِيلَ} {لِلطَّائِفِينَ} {العاكفين}(125)- وَاذكُرْ يَا مُحَمَّدُ لِهؤُلاءِ إِذْ جَعَلْنَا الكَعْبَةَ بَيْتاً حَرَاماً وَمَرجِعاً للنَّاسِ يَثُوبُونَ إِليهِ للعِبَادَةِ، وَيقْصِدُونَهُ لأَدَاءِ المَنَاسِكِ فِيهِ، وَأَمَاناً لِلْخَائِفِينَ اللائِذِينَ بِهِ، لاحتِرَامِ النَّاسِ لَهُ، وَتَعْظِيمِهِمْ إِيَّاهُ، وَإِذْ أَوْحَينَا إِلى النَّاسِ أَنِ اتَّخِذُوا مِنَ المَكَانِ الذِي كَانَ إِبرَاهِيمُ يَقُومٌ عَلَيهِ، وَهُوَ يَبْنِي البَيْتَ، مُصَلىً. واذكُرْ يَا مُحَمَّدُ لِهؤلاءِ إِذْ أَمَرْنَا وَوَصَّيْنَا إِبْرَاهِيمَ وَابْنَهُ إِسْمَاعِيلَ أَنْ يُطَهِرَا بَيتِ اللهِ (الكَعْبَةِ) مِنَ الأَقْذَارِ وَالأَرْجَاسِ وَالشِّرْكِ وَالأَوْثَانِ، لِلطَّائِفِينَ بِهِ، وَهُمْ آتُونَ مِنْ غُرْبَةٍ، وَلِلْعَاكِفِينَ المُقِيمِينَ فِيهِ مِنْ أَهْلِهِ، وَلِلْمُصَّلِينَ الذِينَ يُؤَدُّونَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فِيهِ. (وَيَشْمَلُ الأَمْرُ تَطْهِيرَ البَيْتِ مِنْ الرِّجْسِ الحِسِّيِّ كَالرَّفَثِ وَاللَّغْوِ وَالتَّنَازُعِ فِيهِ حِينَ أَدَاءِ العِبَادَاتِ، كَالطَّوَافِ والسَّعْيِ وَالصَّلاةِ).مَثَابَةً- مَلْجَأً وَمَكَانَ أَمْنٍ.عَهِدْنا- وَصَّيْنَا وَأَمَرْنَا.العَاكِفِينَ- المُعْتَكِفِينَ، الذِينَ يِبْقُونَ فَتْرَةً لِلْعِبَادَةِ..تفسير الآية رقم (126): {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126)}{إِبْرَاهِيمُ} {آمِناً} {الثمرات} {مَنْ آمَنَ} {الآخر}(126)- وَاذْكُرْ لِقَوْمِكَ إِذْ دَعَا إِبْرَاهِيمَ رَبَّهُ فَقَالَ: رَبِّ اجْعَلْ هذِهِ البُقْعَةَ المُحِيطَةَ بِالكَعْبَةِ بَلَداً آمِناً مِنَ الخَوْفِ فَلا يُرْعَبُ أَهْلُهُ، وُارْزُقْ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِهِ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ مِنَ الثَّمَرَاتِ. فَرَدَّ اللهُ سُبْحَانَهُ عَلَيهِ قَائِلاً: إِنَّهُ سَيَرْزُقُ المُؤْمِنِينَ وَغَيْرَ المُؤْمِنِينَ مِنَ النَّاسِ، لأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لا يَخْلُقُ خَلْقاً لا يَرْزُقُهُ. وُلكِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ ذلِكَ الرِّزْقَ لِمَنْ كَفَرَ مَتَاعاً قَلِيلاً، مُدَّةَ وُجُودِهِمْ فِي الدُّنيا، ثُمَّ يَأْخُذُهُمْ وَيَسُوقُهُمْ إِلى نَارِ جَهَنَّمَ سَوْقاً لِيُعَذِّبَهُمْ فِيها، وَمَا أَسْوَأَهُ مِنْ مَصِيرٍ.وَفِي الحَدِيثِ: «إِنَّ الله ليُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ».أَضْطَرُّهُ- أَدْفَعُهُ وَأَسُوقُهُ وَأُلْجِئُهُ..تفسير الآية رقم (127): {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127)}{إِبْرَاهِيمُ} {وَإِسْمَاعِيلُ}(127)- وَاذْكُرْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ حِينَما كَانَ يَرْفَعُ إِبراهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ القَوَاعِدَ وَالآسَاسَ مِنَ الكَعْبَةِ، وَيَدْعُوَانِ رَبَّهُمَا أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْهُمَا عَمَلَهُمَا، لأَنَّهُمَا يَقُومَانِ بِعَمَلٍ صَالِحٍ، فَهُو تَعَالَى الذِي يَسْمَعُ الدُّعَاءَ، وَهُوَ الذِي يَعْلَمُ النِّيَاتِ. فَمَصْدَرُ شَرَفِ الكَعْبَةِ أَنَّها بُنِيَتْ عَلَى اسْمِ اللهِ، وَلِعبَادَةِ اللهِ فِي تِلْكَ الأَرْضِ، التِي تَطْغَى عَلَيهَا الوَثَنِيَّةُ، لا لأَحْجَارِهَا وَلا لِمَوْقهَا..تفسير الآية رقم (128): {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128)}(128)- رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُخْلِصَيْنِ لَكَ فِي العِبَادَةِ، مُسْتَسْلِمَيْنِ لأَمْرِكَ وَقَضَائِكَ، خَاضِعَيْنِ لِطَاعَتِكَ، لا نُشْرِكُ مَعَكَ فِي العِبَادَةِ أَحَداً، وَاجْعَلْ مَنْ ذُرِّيتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ تَعْبُدُكَ، وَلا تُشْرِكُ بِكَ شَيْئاً، لِيَسْتَمِرَّ الإسْلامُ بِقُوّةِ الأُمَّةِ، وَتَعَاوُنِ الجَمَاعَةِ، وَعَلِّمْنا مَنَاسِكَ حَجِّنَا، وَوَفِّقْنَا لِنَتُوبَ إِليكَ، وَنَرْجِعَ إِليكَ مِنَ كُلِّ عَمَلٍ يَشْغَلُنا عَنْكَ، وَأَنْتَ يَا رَبِّ الكَثِيرُ التَّوْبِ، الرَّحيمُ بِالتَّائِبينَ.(وَقَدْ صَحِبَ جِبْرِيلُ، عَلَيهِ السَّلامُ، إِبراهيمَ إِلى مِنىً وَعَرَفَاتٍ وَالمشْعَرِ الحَرَامِ، لِيُرِيَهُ المَنَاسِكَ، وَالأَعْمَالَ الوَاجِبَ إِتمَامُها فِي الحَجِّ، وَفِي الطَّرِيقِ عَرَضَ إبليسُ لإِبراهِيمَ فَرَمَاهُ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَذلِكَ سَبَبُ رَمْيِ الجمارِ).أَرِنَا مَنَاسِكَنَا- عَلِّمْنا مَنَاسِكَ حَجِّنا.المَنْسَكُ- المَكَانُ المُقَدَّسُ، وَيُقْصَدُ بِالمَنَاسِكِ هُنَا الأَفْعَالُ التِي يَقُومُ الحَاجُّ بِها. كَالطَّوافِ وَالوُقٌوفِ فِي عَرَفَاتٍ وَمِنىً.التَّوَّابُ- كَثيرُ التَوْبِ والمَغْفِرةِ..تفسير الآية رقم (129): {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)}{يَتْلُواْ} {آيَاتِكَ} {الكتاب}(129)- وَأَتَمَّ إِبراهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، عَلَيْهِما السَّلامُ، دَعْوَتَهُمَا لأَهْلِ الحَرَمِ أَنْ يَبْعَثَ اللهُ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ (أَيْ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبراهِيمَ) يَتْلُو عَلَيهِمْ آياتِ اللهِ، وَيُعَلِّمُهُمُ القُرآنَ (الكِتَابَ) وَيُعَلّمُهُمْ أَسْرَارَ الشَّرِيعَةِ وَمَقَاصِدَهَا بِسِيرَتِهِ فِي المُسْلِمِينَ، فَيَكُونُ قُدْوَةً لَهُمْ (السُّنَّةُ) وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ (يُعَلِّمُهُمُ الحِكْمَةَ) أَيْ إِنَّ الرَّسُولَ يُعَلِّمُهُمُ الخَيْرَ فَيَفْعَلُونَهُ، وَيُبَصِّرُهُمْ بِالشَّرِّ فَيَجْتَنِبُونَهُ، وَيُخْبِرُهُمْ بِرِضَا اللهِ عَنْهُمْ إِذَا أَطَاعُوهُ، لِيسْتَكْثِرُوا مِنْ طَاعَتِهِ، وَيَجْتَنِبُوا مَا يُسْخِطُهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ.وَخَتَمَا دَعْوَتَهُمَا بِقُوْلِهِما: إِنَّكَ يَا رَبِّ أَنْتَ العَزيزُ الذِي لا يُعْجِزُهُ شَيءٌ، القَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ، الحَكِيمُ فِي أَفْعَالِهِ وَأَقْوالِهِ وَشَرْعِهِ فَيَضَعُ الأَشْيَاءَ فِي مَحَالِّهَا لِعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَدْلِهِ.يُزَكْيهم- يُطَهِّرُهُمْ مِنَ الشِّرْكِ وَالمَعَاصِي..تفسير الآية رقم (130): {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)}{إِبْرَاهِيمَ} {اصطفيناه} {الصالحين}(130)- لَقَدْ تَجَرَّدَ إِبراهِيمُ فِي عِبَادَةِ اللهِ فَلَمْ يَدْعُ مَعَهُ غَيْرَهُ، وَلَمْ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتَبَرَّأَ مِنْ كُلِّ مَعْبُودٍ سِوَاهُ حَتَّى تَبَرَّأَ مِنْ أَبِيهِ، وَخَالفَ قَوْمَهُ. فَمَنْ يَتْرُكَ طَرِيقَ إِبْراهيمَ هذا وَمَسْلَكَهُ وَمِلَّتَهُ، وَيَتَّبِعْ طَرِيقَ الغَيِّ وَالضَّلالِ، فَهُوَ سَفِيهٌ، وَلا يَرْتَكِبُ الضَّلالَةَ إِلا السَّفيهُ.وَلَقَدِ اصْطَفَى اللهُ إِبراهِيمَ وَاخْتَارَهُ في الدُّنيَا، وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ مِنَ الصَّالِحِينَ المُقَرَّبينَ عِنْدَ اللهِ.يَرْغَبُ عَنْ- يَزْهَدُ وَيَنْصَرِفُ عَنِ الشَّيءِ.سَفِهَ نَفْسَهُ- امْتَهَنَهَا وَاسْتَخَفَّ بِهَا.
|